صيام الستة من شوال
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أما بعد فمن دليل قبول الطاعة أن يأتي بعدها عمل آخر يقربنا إلى ربنا ، ولعل هذا ما جعل النبي r يحثنا على الصيام بعد رمضان متمثلا ذلك في صيام ستة أيام من شوال .
فضل صيامها :
بين الرسول r في غير موضع أنها مع رمضان تعدل صيام الدهر كله :
عن أبي أيوب t عن رسول اللَّه rقال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر . (رواه مسلم وأبو داوود )
وعن ثوبان t مولى النبي r أنه سمع رسول اللّه r يقول: " جعل اللّه الحسنة بعشر أمثالها فشهر رمضان بعشرة أشهر وستة أيام بعد الفطر تمام السنة ".( رواه النسائي وصححه الألباني .)
وعن ثوبان tأن رسول الله r قال من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ( رواه ابن ماجه )
قال الإمام النووي – رحمه الله - : وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر والستة بشهرين .
حكمتها :
لما نهى الرسول r عن صوم الدهر بقوله r " لا صام من صام الأبد " قالها r ثلاثا ( رواه البخاري ومسلم ) لما فيه من ضعف للجسد ، والتشبه بالتبتل ، أراد r أن يعطي المسلمين ثواب صيام الدهر بوجه بعيد عن المشقة والتبتل ، فجعل ذلك في صيام الستة أيام من شوال ، كما جعله أيضا في صيام الأيام الثلاثة البيض من كل شهر ؛ عن ابنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيّ عن أبِيهِ قال: "كَانَ رَسُولُ الله r يَأْمُرُنَا أنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ. قال وَقال: هُنّ كَهَيْئَةِ الدّهْرِ". ( رواه أبو دوواد وصححه الألباني .)
هل تصام هذه الست متوالية أم متفرقة ؟
يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة : قال الإمام الصنعاني : اعلم أن أجر صومها يحصل لمن صامها متفرقة أو متوالية ومن صامها عقيب العيد أو في أثناء الشهر.
وقال الإمام النووي : والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر، فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستاً من شوال .
رأي الأئمة فيها :
يرى الشافعي وأحمد استحباب صوم هذه الستة. وخالفهما مالك ؛ يقول ابن رشد الحفيد : كره مالك ذلك؛ إما مخافة أن يلحق الناس برمضان ما ليس في رمضان، أو لعله لم يبلغه الحديث ، أو لم يصح عنده . ويرد عليه بأنه بعد ثبوت النص بذلك لا حكم لهذه التعليلات ، يقول الإمام الصنعاني : وما أحسن ما قاله ابن .
فقه السنة للشيخ سيد سابق . عبد البر: إنه لم يبلغ مالكاً هذا الحديث .
---------------------------------------
المراجع:
عون المعبود شرح سنن أبي داوود للآبادي .
بداية المجتهد لابن رشد الحفيد .
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجرالعسقلاني .
شرح مسلم للنووي .
نصب الراية في أحاديث الهداية للشيخ جمال الدين الزيلعي .
المغني لابن قدامة .
نيل الأوطار للشوكاني . سبل السلام للصنعاني .
منهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري