العهد المكي
من المولد حتى البعثة
اشتغاله - صلى الله عليه و سلم - برعي الغنم :
لما شب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم مقابل أجر يأخذه منهم , ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول - صلى الله عليه و سلم - رعاية المسلمين وقيادة الأمة بعد بعثته ، وهذه ربما تكون مبالغة كبيرة ؛ فإن كثيرا غيره من الرعاة لم يصبحوا قوادا ولا ساسة كما أن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك فرق كبير بين سياسة الحيوان وسياسةالإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراء حيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقة في الصباح وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد - صلى الله عليه وسلم - فأخذ يتأمل ويتفكر ويتدبر في الكون العجيب .
اشتغاله - صلى الله عليه و سلم - بالتجارة
زاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه
وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنه لا يمكن تصديقها بسهولة, لأن محمد - صلى الله عليه و سلم - نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك في الغار .
وقد أفادت هذه الرحلة محمدا - صلى الله عليه وسلم - كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحت عينيه على أقوام ومجتمعات تختلف كثيرا عن قومه ومجتمعه , ومر في الطريق الذهاب والعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين ووادي القرى وسمع عن أخبارهم الكثير .
ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكة أو بالأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب .